منذ القدم والانسان يسعى جاهدا الى تحقيق اكبر قدر من الرفاهية والراحة له ولاسرته , حتى بدأ يسعى ليكون مكان سكنه مكانا مريحا جميلا يسر الناظرين ويلبي احتياجاته .
ومن هنا ظهر ما يسمى بفن الديكور , والديكور هو فن من ضروب الفنون يسعى الى اضافة لمسات جمالية على المكان سواء كان مكانا عاما او مكانا خاصا ,
وبما ان الحضارات كلها انطلقت من الشرق فاننا نستطيع القول بلا حرج ان فن الديكور والتصميم الداخلي انطلق من الشرق مما يجعلنا امام ضرورة الحديث عن فنون الديكور الشرقية الطابع والمنشأ.
ولضخامة الموضوع وتشعبه سوف نتناول اولا الفنون الشرقية الاسلامية وسوف نخصص حديثنا عن فنون الديكور الشرقي الاسلامي الدمشقي الخشبي الداخلي . وهو ما يعرف اصطلاحا بالزخرفة النباتية او الدهان الدمشقي .
تصوروا ان هذه الحرفة انطلقت في دمشق منذ مئات السنين والى الان ما زالت تحافظ على وجودها وحضورها على ساحات فنون الديكور حتى انها تكاد تحتل الساحات الفنية الشرقية كلها وذلك لعدة اسباب من اهمها :
ان هذه الحرفة ما زالت الى يومنا هذا حرفة يدوية بحتة بكل تفاصيلها والامر الثاني متانتها وقدرتها على التعمير فهي حسب الشواهد الموجودة على ارض الواقع تدوم عشرات ان لم اقل مئات السنين الامر الثالث انها كلما ازداد عمرها ازدادت قيمتها المادية والثقافية والمعنوية والامر الرابع انها تضفي بهاء وجمالا اسرا على المكان الذي تتواجد فيه , هذه الامور وغيرها جعلا لهذا الفن قيمته السامية والنفيسة بين الفنون .
- التصميم :
بعد الاعتماد على المكان الذي نريد ان ننفذ فيه هذه الاعمال يقوم فريق العمل ( وهم من الحرفين المختصين والمهرة ) بدراسة المكان ووضع التصميم المناسب لهذا المكان للسقف والجدران والجلسة والطاولات ودائما طابع التصميم شرقي اسلامي كما سنلاحظ بالصور المرفقة ويعتمد في غالبه على الرسوم الهندسية العربية الشرقية والاسلامية
- صناعة الخشب :
يقوم النجارون المحترفون والمختصون بالنجارة الشرقية بتنفيذ التصميم وتحويله من الورق الى قطع خشبية حسب المقاسات والتصميم بدقة متناهية تفوق التصور
- المعجنة والحف :
بعد تنفيذ الخشب حسب التصاميم يبدا فريق مختص بمعالجة هذا الخشب بطرق يدوية للحصول على نعومة رائعة للسطوح الخشبية ومتانة ومعالجة ضد الرطوبة ويتم ذلك بتلبيس الخشب بالقماش الخام ولصقه بالغراء المتين ثم تسوية سطوحه من خلال استخدام المعجون والحف ( السنفرة )
- رسم الزخارف النباتية :
ويتم ذلك باستخدام اوراق شفافة ( الكلك ) حيث يقوم الحرفي برسم الزخارف الشرقية ذات الطابع الاسلامي التي تعتمد على التناظر المتناهي في ادق التفاصيل
- الترب ( الطباعة ) :
يتم تثقيب الرسم بواسطة الدبوس ومن ثم يتم تمرير الفحم المطحون فوق الورقة مما يودي الى طباعة الرسم على السطح الخشبي
- التنبيت :
( انزال المعجون النباتي ) والعجينة النباتية هي عبارة عن خليط من ست مواد تعجن بطريقة معينة تعطينا معجونا ذو لزاجة معينة يتصلب عند نشافه ويعطينا متانة كبيرة جدا تقارب متانة الخشب وتعطي الزخارف بعدها الثالث حيث تصبح الزخارف كلها نافرة انسيابية عند الاطراف
- التلوين :
يتم تركيب الالوان الترابية بشكل يدوي ويتم استخدام الوان محددة من ابرزها ( الاحمر الكرزي - الازرق الاسلامي – الاخضر الاسلامي – العفني – الكريم - .........) بالاضافة للون الذهبي والفضي وغالبا ما يتم استخدام ورق الذهب وورق الفضة للزخارف النباتية والالوان الاخرى للارضيات الزخرفية كما هو واضح في الصورة
- القطع :
ويتم من خلالة تحديد اطراف الزخارف باللون الاسود بدقة فائقة جدا وباستخدام الفرشاة
- التسطير :
- التلكير :
ويتم من خلال هذه العملية طلي الزخارف بماة الورنيش التي تحفظ الالوان والزخارف وتعطيها لمعانا جميلا
تصوروا ان كل قطعة خشبية يجب ان تمر بكل هذه المراحل حتى تصبح جاهزة للتركيب . وبعد الانتهاء يتم تركيب القطع الخشبية في مكانها ولكنها لاتركب على الحائط مباسشرة ولكن يتم انشاء شبكة خشبية على كل المساحة يتم تركيب القطع الخشبية عليها وذلك لتأمين مساحة هوائية بين الخشب والحائط مما يخفف الرطوبة المؤثرة بالخشب بنسبة 90% على الاقل
مما سبق نجد ان هذه الحرفة قديمة عريقة يعرفها كل من زار دمشق الفيحاء ودخل بوتاتها العامرة التي تتميز بفنونها المعمارية الراقية.
تتميز البيوت الدمشقية بهذا الطراز المعماري الفريد وبديكوراتها الداخلية الرائعة، فالأسقف والجدران والأبواب والأثاث كلها مزركشة وموشاة بهذه الزخارف الفنية الراقية، .
وما يميز هذه الحرفة عن غيرها أنها يدوية بحتة بكل تفاصيلها, وهي حرفة آسرة للناظرين فكل من ينظر إليها يغيب في عالم الرقة والجمال والفخامة، مما جعل الكثير من الناس المتذوقين للفنون والجمال ينقلون هذه الزخارف بكل تفاصيلها الى بيوتهم وقصورهم وفللهم وقاعاتهم.
ولا تخلو مدينة عربية من بيت أو قصر أو مسجد أو قاعة أو مطعم نفذ بهذه الطريقة الشرقية الدمشقية
القاعات :
تميزت القاعات الشامية بزخارفها ونقوشها على الجدران والأسقف وبرزت فيها المقرنصات والآيات القرآنية المنقوشة والموشاة بالذهب والفضة وبرز فيها أيضاً الفيترينات الشرقية التي تستخدم لصمد التحف النحاسية والزجاجية الرائعة.
الاثاث :
استخدم الفنان الدمشقي تصاميمه ليضفي لمسة شرقية آسرة على كل القطع الخشبية المستخدمة في البيت الدمشقي، وكان للأثاث الدمشقي حظ وفير من هذه الفنون حيث أبدع الدمشقيين تصاميم رائعة على قطع الأثاث المختلفة كالكراسي والطاولات والمجالس والديوانيات (الأرائك) والبرفانات وغرف الطعام بما تحتويه من قطع أثاث مختلفة
الابواب :
درجت العادة على أن تكون الأبواب الشرقية ذات استخدامات متنوعة فإنها إما تكون أبواب داخلية للقاعات الشامية أو تكون جدارية كلوحة فنية معلقة على الجدار أو أن تكون باب لخزانة جدارية واستخدمت فيها فنون الحفر والمرايا والنقوش الشرقية الإسلامية وعتقت بورق الذهب والفضة والألوان الدمشقية الرائعة
اللوحات الفنية :
سخرت اليد المبدعة الدمشقية فنونها في اللوحات الفنية والآيات القرآنية واستخدمت إبداعات الخط العربي وتركيباتة بأنواعه المختلفة وشكلوا منها تحف فنية رائعة تسر الناظرين وتفتن قلب عشاق الفن
وقد تميزت دمشق حاضرة الوليد وعاصمة صلاح الدين ومثوى النبي يحيى عليه السلام بقصورها الرائعة التي تفردت بتصاميمها عن كل قصور العالم العربي والغربي ومن أبرز القصور التي استخدم فيها هذا الفن العريق ( قصر العظم – بيت نظام – مكتب عنبر – مسجد بني أمية الكبير ) وغيرهم الكثير الكثير من القصور المتناثرة في دمشق الفيحاء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق